الخاطرة 04
الخاطرة 04:
أول صفة وصف الله تعالى بها عباده المتقين الذين يهتدون بالقرآن هي إيمانهم بالغيب، كما قال تعالى: “فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب”، وهذا هو ركن الدين الأعظم الذي يصلح به الباطن، وتنبني عليه كل الأعمال، وبمقدار استقراره وثباته يصلح الظاهر أو يفسد .
والإيمان بالغيب هو التصديق الجازم، والغيب ما لا يدرك بالحواس مما أخبر به الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، موجودا كان أو لم يوجد بعد .
وأعظم أركان الإيمان الإيمان بالله: بوجوده المقتضي توحيده، وعبادته، والإيمان بما أخبر به عن نفسه من أسمائه وصفاته وأفعاله وتدبيره لخلقه، وببقية الأركان، وهي ملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر .
ودرجة الإيمان التي تقتضي ولا بد الإذعان والامتثال والاستقامة والتحصن من الفتن؛ هي اليقين، وما أقله في الناس !!، أما ما دون اليقين فأصحابه متى تعرضوا للفتن لم يثبتوا إلا أن يرحمهم الله، وهذا حال معظم المسلمين اليوم، قال الله تعالى: “قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم”، أي لم يتمكن منها، ودليل اعتبار هذه الدرجة قول الله تعالى: “وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالم شيئا“.
لا أرى حصنا للفرد المسلم اليوم كالعناية بمعالم رئيسة أعظمها العقيدة تغرس فيه باكرا، وينشأ عليها منذ نعومة أظفاره، بعد أن استحالت وسائل الوقاية الأخرى كالعزل عن المحيط، وإبعاده عن قرناء السوء، لقد غدا العالم بيتا لا قرية، بل هجم هذا العالم بما فيه على البيوت وعلى الأفراد طوعا أو كرها بوسائل الاتصال التي لا يسهل التفصي من اصطناعها، فليصرف الدعاة جهدهم في تحصين المسلم بهذا الحصن الذي لا نظير له .