الخاطرة 22

المشرف . مقالات الشيخ 402

الخاطرة 22:

وحدة المسلمين من مقاصد دينكم العظمى، لهذا أمركم الله تعالى أن تعتصموا بحبل الله جميعا وأن لا تفرقوا، وشرع صلاة الجماعة في المساجد، وكره بعض أهل العلم الجماعة بعد صلاة الإمام الراتب، و أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الثلاثة إذا خرجوا في سفر أن يؤمروا أحدهم، وقال: “عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو مع الإثنين أبعد”، وقال: “يد الله مع الجماعة، وإن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض“!! .
وكما نهى الشرع عن التفرق في الدين؛ سد الذرائع التي تفضي إليه، حتى بلغ الأمر النهي عن انفراد جماعة بحلقة في المسجد أو خارجه، وإن كانوا لا يريدون بانفرادهم إلا الخير، فكيف إذا وصل الأمر أن لا يغشى تلك الجماعة إلا أفراد معينون كيفما كانت مشاربهم، فإنه إذا كان الداعي إلى تفرد الجماعة أمرا دنيويا فهذا لا يسوغ في المسجد، وإن كان السبب أمرا مشروعا كمذاكرة العلم ففيم انفراد أناس بأعيانهم باستمرار؟، فإنهم وإن لم يكونوا ذوي نزعة خاصة فإن الانفراد المستمر ينشئ تلك النزعة، أما إن كانت موجودة فإنه يقويها، وقد انضاف إلى هذا من يدعون في عقود النكاح وغيرها من المناسبات !! .
نفسي تسكن إلى من يوافقها، وتميل إلى من يشاكلها، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف”، ودوائر الائتلاف والاختلاف متفاوتة، لكن هذا الذي ترتاح إليه النفس، ويتمناه المرء ليس هو الذي تقام عليه الدعوة إلى الله .
فإياك أيها الداعي أن تنشئ بدعوتك فئة، وابتعادك عن هذا المسلك لا يعني تخليك عن الحق الذي تحمله وتدعو إليه إخوانك المسلمين .
اقرأ ما رواه مسلم من جملة حديث جابر بن سمرة قال: “خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرآنا حلقا فقال: “ما لي أراكم عزين”؟!!، الحديث، وهو في سنن أبي داود، ورواه ابن حبان من حديث أبي هريرة ولفظه “خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أصحابه وهم في المسجد جلوس حلقا حلقا فقال: فذكره، وترجم عليه بقوله “ما نهي عن فعله في المسجد”، ومعنى “عزين” متفرقين مختلفين لا يجمعكم مجلس واحد .
وروى أبو داود عن أبي ثعلبة الخشني قال: ” كان الناس إذا نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منزلا تفرقوا في الشعاب والأودية، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان”، فلم ينزل بعد ذلك منزلا إلا انضم بعضهم إلى بعض، حتى يقال: “لو بسط عليهم ثوب لعمهم”!، وترجم عليه بقوله: ما يؤمر من انضمام العسكر، وترجمته عند ابن حبان هي: كيف النزول في المنازل؟.
ولك أن تتساءل عما كان يتحدث فيه الصحابة إذا تفرقوا حلقا؟، أيكون فيه مشاقة أو كيد أو مكر أو إشاعة اخبار ضارة؟، كل ذلك مستبعد إلا على المنافقين، والصحابة لم يكونوا فئات، ومع ذلك كان هذا التشديد في تعدد الحلق لغير مصلحة، لأنه سبيل الفرقة .

المشرف

Nam non diam eros, vitae dictum erat. Praesent lacinia diam vel mi sodales molestie? Pellentesque habitant morbi tristique senectus et netus et malesuada.