الخاطرة 04

المشرف 296

الخاطرة 04: أول صفة وصف الله تعالى بها عباده المتقين الذين يهتدون بالقرآن هي إيمانهم بالغيب، كما قال تعالى: “فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب”، وهذا هو ركن الدين الأعظم الذي يصلح به الباطن، وتنبني عليه كل الأعمال، وبمقدار استقراره وثباته يصلح الظاهر أو يفسد . والإيمان بالغيب هو التصديق الجازم، والغيب ما لا يدرك بالحواس مما أخبر به الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، موجودا كان أو لم يوجد بعد . وأعظم أركان الإيمان الإيمان بالله: بوجوده المقتضي توحيده، وعبادته، والإيمان بما أخبر به عن نفسه من أسمائه وصفاته وأفعاله وتدبيره لخلقه، وببقية الأركان، وهي ملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر . ودرجة الإيمان التي تقتضي ولا بد الإذعان والامتثال والاستقامة والتحصن من الفتن؛ هي اليقين، وما أقله في الناس !!، أما ما دون اليقين فأصحابه متى تعرضوا للفتن لم يثبتوا إلا أن يرحمهم الله، وهذا حال معظم المسلمين اليوم، قال الله تعالى: “قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم”، أي لم يتمكن منها، ودليل اعتبار هذه الدرجة قول الله تعالى: “وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالم شيئا“. لا أرى حصنا للفرد المسلم اليوم كالعناية بمعالم رئيسة أعظمها العقيدة تغرس فيه باكرا، وينشأ عليها منذ نعومة أظفاره، بعد أن استحالت وسائل الوقاية الأخرى كالعزل عن المحيط، وإبعاده عن قرناء السوء، لقد غدا العالم بيتا لا قرية، بل هجم هذا العالم بما فيه على البيوت وعلى الأفراد طوعا أو كرها بوسائل الاتصال التي لا يسهل التفصي من اصطناعها، فليصرف الدعاة جهدهم في تحصين المسلم بهذا الحصن الذي لا نظير له .

الخاطرة 02

المشرف 334

الخاطرة 02: المسلم يتلو فاتحة الكتاب لزوما سبع عشرة مرة كل يوم وليلة في الصلوات المفروضات، فضلا عما يكون له من تطوع بالصلوات، فهل حاسب نفسه على بعض معانيها التي لا تحتاج إلى تأمل كبير، وهو مطالب بتدبر كلام ربه إذ قال سبحانه: “أفلا يتدبرون القرآن”، وقال: “أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها”، وقد يسر الله كتابه للفهم فقال: “ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر“. ومن أبرز ما ينبغي له أن يتأمله: * أنه يثني على ربه ويدعوه، والثناء توحيد، والدعاء حاجة وفقر، وهو يقدم الثناء على ربه قبل دعائه . * وأنه يحمد ربه على تربيته له بنعمه وبرسالاته في جملة العالمين . * وأنه يتذكر اليوم الآخر إذا تلا قوله “مالك يوم الدين“. * وهو يعلن إفراد ربه بالعبادة والاستعانة، فهل عرفهما حتى لا يصرفهما لغيره؟ . * وهو يعظم شأن هداية التوفيق، إذ افترض ربه عليه أن يطلبها منه دون غيرها . * وهو يلتزم تحصيل العلم النافع والعمل الصالح حتى يكون على الصراط المستقيم، صراط المنعم عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين . * ويتبرأ من ترك العمل على وفق العلم حتى لا يكون من المغضوب عليهم، ومن ترك طلب العلم كي لا يكون من الضالين .

الخاطرة 01

المشرف 398

الخاطرة 01 لا بد للداعي إلى الله من معرفة محيطه، وتوجهات من فيه من الناس، من المقتنعين، والمؤيدين، والمعارضين، والمحايدين، ويدلك على هذا ما افتتحت به سوره البقرة (الآيات: 1- 20) من ذكر المؤمنين المتقين، وأهل الكتاب المسلمين، والكفار المعاندين، ثم المنافقين المتذبذبين . إذا عرف الداعي إلى الله الفروق أحسن الخطاب، ووزع جهده على تلك الفئات بالعدل، وخاطب الناس بما يعرفون، وتدرج في الإصلاح مراعيا حال من يدعوهم، وإلا كان ما يفسده أكثر مما يصلحه . وقد جهل قوم هذا المبدأ أو تجاهلوه لمجاراتهم رعونات أنفسهم وخدمة أغراضهم، فكانوا فتنة لكثير من الناس.

الخاطرة 03

المشرف 315

الخاطرة 03: الحج عبادة مالية بدنية، يترك فيها الناسك كثيرا مما اعتاده من اللباس والطيب والزينة والتنعم طيلة مدة إحرامه، إنها فرصة يتدرب فيها المسلم على ما لم يعتده، ونظيره الاعتكاف والصيام والجهاد والرباط، فمقصد التخفف في هذه العبادات من الشهوات واضح بين، وقد قال الله تعالى: “فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج”، وقال الله تعالى: “ثم ليقضوا تفثهم”، وقال رسول لله صلى الله عليه وآله وسلم: “الحاج الشعث التفل” . ذكرت هذا لأني سمعت باستحداث ما سمي ب”حج الرفاه!!”، أو “حج الامتياز”!!، وأن كلفته تصل إلى خمسين ومائة مليون سنتيم (1500000د)، وهذه التسمية فيها شيء، بل إنها لا تليق، وهناك فرق فيما أحسب بين أن يذهب ذوو اليسار إلى حيث يريدون، وبين أن يعلن عن ذلك وتخصص له رحلات!، وقد ذكرني هذا الخبر بشيئين: أولهما اقتراح كنت قدمته لوزارة الشؤون الدينية منذ عقود بعد رجوعي من بعثة الحج؛ وهو أن تكون كلفته متفاوتة بحسب قدرة الناس ورغباتهم؛ لما في ذلك من التيسير عليهم، ولاختلافهم في الاستطاعة المالية والبدنية، ومما قيل في رد الاقتراح يومئذ أن توحيد الكلفة يضمن للجزائريين كرامتهم !!، وتالله إن المقصد لحسن، لكن لا يلزم هذا من هذا . وثانيهما أن بعض المحسنين من ذوي اليسار يكرمون بعض الدعاة فيتولون دفع تكاليف الحج أو العمرة عنهم، وقد يتكرر ذلك في العام، لكن المرفوض أن يقبل من يدعو إلى الله عالما أو طالب علم الإقامة مدة شهر في فندق بكلفة 800000 د، فلم لا يفرق الدعاة بين خدمة الدعوة وخدمة الداعي؟، ولم يجارون المحسنين في هذا الاسراف والتبذير؟، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: “إياك والتنعم، فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين”!!، ومما كتب به عمر رضي الله عنه إلى بعض قادة الجيوش: “وإياكم والتنعم، وزي أهل الشرك، ولبوس الحرير” .

التمكين لشريعة رب العالمين

المشرف 701

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد فالسلام عليكم أيها الإخوة ورحمة الله وبركاته، وأشكر القائمين على شعبة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بولاية بلعباس على ما بذلوه من جهد لتنظيم هذا الملتقى، وأسال الله جلت قدرته أن يكون فيه ما يعود بالنفع علينا وعلى بلدنا وسائر بلدان المسلمين، وأحسب أن المنظمين لهذا اللقاء قد أصابوا في اختيار العنوان الذي تجري أعماله فيه، ووجه ذلك أنه ما كل من ادعى خدمة مذهب مالك هو خادم له بالفعل، فلعلنا بنهاية أشغاله تتبدى لنا إن شاء الله ملامح الخدمة الحقة من الخدمة المدعاة المزيفة التي يهدف من ورائها إلى أن تكون المذهبية وسيلة للتغطية على المخالفات والبدع والضلالات، مما يتعارض مع ما نصب له هؤلاء الأعلام أنفسهم، وهو طاعة الناس لربهم والعيش في كنف ما شرعه لهم بحسب ما أدى إليه اجتهادهم، وأنا هنا ليس غرضي تناول شيء من مظاهر هذه الخدمة ذات المجالات المختلفة المتنوعة، فإن بعض إخواني سيتناولون ذلك فيما يقدمونه من المحاضرات والتعقيبات والمداخلات التي تهتم بالخدمة العلمية البحتة التي لا ريب أننا في حاجة ماسة إليها، ولكنها مهما بلغت فإنها ليست مرادة لذاتها وإنما هي وسيلة إلى العمل والتطبيق .          ولهذا صرفت اهتمامي في هذه الكلمة إلى لفت الانتباه إلى ما ينبغي أن تتوجه إليه بعض جهود أهل العلم من إصلاح الحياة العامة التي ما فتئت تزداد بعدا ونفورا من الحق الذي أنزله الله، رغم كثرة البحوث والدراسات التي بلغت من الكثرة ما لا حاجة إليه، مع ما نحن عليه من التقصير في البحث عن وسائل التمكين لهذا الشرع الذي ما أنزله الله إلا ليسعد به الناس في حياتهم ويتأهلوا بذلك للسعادة الأبدية التي هي مطمحهم